محافظ بنك السودان المركزي في حوار فوق العادة لصحيفة (العلا برس

محافظ بنك السودان المركزي في حوار فوق العادة لصحيفة (العلا برس)
لا يختلف اثنان حول الدور الكبير الذي لعبه بنك السودان المركزي بقيادة أركان حربة برعي الصديق خلال الفترة العصيبة التي واجهتها البلاد جراء حرب المليشيا. ورغما عن فقدان البنك الكثير من الموارد ونهب الأموال نتيجة تعديات المليشيا على رئاسات وفروع البنك، إلا أن البنك المركزي مثل حائط الصد لمقابلة كافة الالتزامات الحكومية وإدارة موارد البلاد بحنكة تنبع من إرثه التاريخي الماجد وعبر وضع الخطط والسياسات والضوابط المنظمة والناجعة والتي مهدت الطريق إلى بر الأمان.
محافظ البنك المركزي رجل اقتصادي ضليع وفي الوقت نفسه قليل الكلام وغير محب للظهور إعلاميا. يعمل في صمت حاولنا مرارا وتكرارا أن نحظى بشرف الجلوس والاستماع إليه وقد كان لقاء صحفي نادر ومميز تحدث لنا فيه عن عملية استبدال العملة التي جرت مؤخرا. وترتيبات الانتقال نحو السداد الالكتروني واجراءات صادر الذهب وإنشاء البورصة فضلا عن سياسات سعر الصرف للعملة الوطنية وتدخلات البنك لإزالة أي انحرافات والكثير من القضايا نتعرف عليها من خلال الحوار التالي.
أجرى الحوار: رشا التوم
العناوين
• في حوار استثنائي: محافظ بنك السودان يكشف خفايا استبدال العملة وسر صمود الجنيه.
برعي الصديق يتحدث بهدوء ويُنجز بثبات… البنك المركزي يواجه العاصفة بأدوات محترفة.
·
بنك السودان المركزي: نمتلك احتياطياً نقدياً كافياً ونراقب السوق لحظة بلحظة.
بورصة الذهب ومصفاة وطنية… البنك المركزي يرسم خارطة جديدة للثروة المعدنية.
بنك السودان المركزي: نعمل بصمت لكننا نمسك بزمام السياسة النقدية
*بداية السيد المحافظ حدثنا عن عملية استبدال العملة التي جرت مؤخرا وكم بلغت تكلفتها؟
تمت عملية استبدال العملة من فئتي الألف والخمسمائة جنيه لأغراض أساسية، في مقدمتها تعرض هذه الفئات للنهب نتيجة التعديات التي طالت مخازن بنك السودان المركزي، البنوك التجارية، وشركة مطابع السودان للعملة. كما أقدمت المليشيا المتمردة على عمليات تزييف واسعة باستخدام أوراق ومدخلات طباعة كانت موجودة داخل مطابع العملة.
إلى جانب ذلك، سعت العملية إلى تحقيق أهداف اقتصادية مهمة، مثل إدخال السيولة النقدية إلى الجهاز المصرفي وتعزيز التحول نحو الدفع الإلكتروني، وهو ما يخدم جهود الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد.
*هل هنالك أي اتجاه لطباعة عملة جديدة؟
طباعة العملة هي عملية روتينية تُنفذها البنوك المركزية بشكل مستمر، وفقاً لمعادلات فنية واقتصادية تتصل بالطلب على النقد، ومستوى السيولة، والتالف من الأوراق النقدية المتداولة. وتخضع هذه العملية لتقديرات دورية وتنفذ بعقود مع شركات متخصصة.
*حجم الخسائر والإضرار المترتبة على الجهاز المصرفي نتيجة تعديات المليشيا؟
لدينا بيانات أولية بشأن الأضرار التي لحقت برئاسات وفروع المصارف التجارية، بالإضافة إلى بنك السودان المركزي نفسه. غير أن عملية الحصر الشامل لم تكتمل حتى الآن نظراً لاستمرار الحرب، وبالتالي فإن
الأرقام المتوفرة لا تعكس الصورة النهائية بعد.
*يدور حديث عن إعادة هيكلة الموظفين في البنك؟
لا صحة لما يُتداول بشأن تقليص عدد العاملين بالبنك ما جرى هو إعادة توزيع وتوظيف الموارد البشرية بما يتلاءم مع متطلبات الظروف الراهنة. بعض الموظفين يباشرون أعمالهم حضورياً، بينما يعمل آخرون عن بعد. وقد تم تحديد أسلوب العمل بحسب طبيعة كل إدارة ومدى ارتباطها بالعمليات المصرفية اليومية.
*يواجه السداد الالكتروني مشكلات عديدة تتعلق بالأنظمة والبنية التحتية؟
السداد الإلكتروني أحد الأهداف الإستراتيجية للبنك المركزي، وبدأ العمل عليه منذ مطلع الألفية الثالثة. وقد تسارعت وتيرته خلال الأشهر الماضية في إطار خطة شاملة للتحول الرقمي.
وقد كانت عملية استبدال العملة فرصة مواتية لتعزيز الشمول المالي، حيث تم ربط الاستبدال بفتح حسابات مصرفية، ما أسهم في جذب قدر كبير من الأموال إلى داخل النظام المصرفي، ومكن البنوك من الوفاء بالتزاماتها وتوفير التمويل للقطاعات الإنتاجية.
أما ما يتعلق بالبنية التحتية، فإن هناك لجنة عليا برئاسة عضو مجلس السيادة الفريق ركن مهندس بحري مستشار إبراهيم جابر ، وعضوية الجهات ذات الصلة، تتابع بشكل أسبوعي تقدم تنفيذ مشروع التحول الرقمي والدفع الإلكتروني، بناءً على تقارير دورية مقدمة من البنك المركزي والأمن الاقتصادي واللجان الولائية والجهات الأخرى ذات الصلة.
*مقاطعة : كم يبلغ حجم الأموال المودعة في البنوك؟
حجم الأموال المودعة في الجهاز المصرفي يتغير بشكل مستمر حسب عمليات السحب والإيداع. إلا أن المؤكد أن عملية استبدال العملة أدت إلى إدخال كتلة نقدية كبيرة إلى البنوك، ما انعكس إيجاباً على أداء القطاع المصرفي عموماً.
*ما هو ردك على استمرار صادر الذهب إلى الإمارات وعلى الصعيد الآخر فقدان كميات مقدرة من الذهب
نتيجة التهريب ؟
بنك السودان المركزي مسؤول فقط عن الجوانب المصرفية المتعلقة بعملية صادر الذهب، مثل إجراءات الدفع وضمان إعادة حصائل الصادر، بينما يُعد تنظيم قطاع الذهب والإشراف على إنتاجه وتصديره مسؤولية مشتركة بين عدد من الجهات الحكومية ذات الصلة.
أما فيما يتعلق بالتهريب، فقد أكدت جهات الاختصاص وجود كميات مقدرة من الذهب تفقد خارج القنوات الرسمية، وهو أمر يثير القلق، خاصة وأن الذهب أصبح يشكل المورد الرئيسي للنقد الأجنبي في ظل التراجع الحاد الذي شهدته صادرات المحاصيل الزراعية خلال فترة الحرب.
ومن هذا المنطلق، نؤكد على ضرورة أن تحظى هذه المسألة بأولوية متقدمة ضمن السياسات الاقتصادية للدولة، مع تكثيف التنسيق والجهود بين كافة الجهات ذات العلاقة لضمان إحكام الرقابة منذ مرحلة الإنتاج وحتى التصدير.
*ما هي الأسباب الحقيقية وراء تأخر إنشاء بورصة الذهب؟
قبل اندلاع الحرب، كانت هناك لجنة فنية مختصة تعمل على تأسيس بورصة الذهب وفق المعايير الدولية، لما لها من أهمية كبرى في ضبط الأسعار وتوفير منصة للتداول الشفاف.
وتعد البورصة جزءاً من منظومة متكاملة تشمل أيضاً مصفاة الذهب التي يُجرى تجهيزها حالياً. فعبر هذه المصفاة، يتم اعتماد الذهب وتحديد أوزانه وعياراته، بينما تُستخدم البورصة لاحقاً لتداول السندات المضمونة
بالذهب.
هذه السندات، في حال إصدارها ، ستُسهم في جذب الذهب من الداخل والخارج، كما يمكن أن تُستخدم كأداة من أدوات السياسة النقدية لتوفير التمويل اللازم لإعادة الإعمار.
*ما هو تعليقك على ظاهرة تذبذب سعر الصرف للعملة الوطنية؟
تذبذب سعر الصرف أمر متوقع في ظل الظروف الاقتصادية الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وهو يرتبط بعوامل ظرفية وأخرى هيكلية.
ورغم الانخفاض الكبير في حجم الموارد الأجنبية، وتراجع الصادرات، وتوقف الدعم الخارجي (سواء قروض أو استثمارات)، فإن البنك المركزي نجح في إدارة السياسة النقدية بما أسهم في استقرار سعر الصرف نسبياً.
وقد تمكنا من الحفاظ على مستوى مقبول من الاحتياطيات، على الرغم من تعرض البنك للنهب وفقدانه جزءاً مقدراً من أصوله من الذهب والنقد. ونحن نراقب سوق النقد الأجنبي عن كثب، ونتدخل عند الضرورة للحد من الانحرافات الحادة، بما يضمن تحقيق الاستقرار النقدي.