أعمدة رأي

علـــي نـــار هادئـــة خالــد محمــد الباقـــر ضيـاع صــورة سودانيــة

علـــي نـــار هادئـــة

خالــد محمــد الباقـــر

ضيـاع صــورة سودانيــة

🅾️ يعد السودان واحد من غنى دول العالم ثقافياً وتراثياً، حيث تلتحم تنوع البيئات مع تعدد الأعراق والمعتقدات لتشكيل هوية فريدة من نوعها. إلا أن الحياة المعاصرة والتحديات والحروب والنزاعات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها السودانيون قد أسفرت عن ضياع ملامح تلك الهوية، مما أثر سلباً على روح المجتمع وأصالة الإنسان السوداني. في هذا الإطار، يظهر التساؤل حول كيف تمكّنت قسوة الحياة من تحويلنا إلى “كائنات هلامية ” غير متصلة بتراثنا وآمالنا السابقة.
🅾️ إن صورة المجتمع السوداني التقليدي كانت تتمحور حول التآزر والتعاون، حيث كانت العلاقات الإنسانية تُعتبر الأساس الذي يقوم عليه التماسك الاجتماعي. فلم يكن السودانيون، في الماضي، مجرد أفراد يسعون لتلبية احتياجاتهم الخاصة، بل كانوا يتشاركون الأفراح والأحزان ويتعاونون في المناسبات الاجتماعية. فقد كانت لحظات اللمة والمودة تجمعهم في فرح وفقر، ويعبرون من خلالها عن إنسانيتهم وعمق مشاعرهم. ولكن مع تجاوز عقبات الحياة، أصبحت هذه الصورة تتلاشى شيئاً فشيئاً، مع تحول المجتمع نحو أنماط حياة أكثر صعوبة وضغوطاً.
🅾️ تعكس الوجوه التي أصبحت واجمة ومرتبكة صورة واقعية للتحديات التي يواجهها الشعب السوداني. حيث أن الانفجار الوجداني الذي يعاني منه الكثير ليس سوى تعبير عن فقدان الهوية والانتماء. كما أن القسوة الاقتصادية والاجتماعية قد أوجدت فصلاً بين أفراد الأسرة الواحدة، مما أضعف الروابط التقليدية التي كانت تجمعهم.
🅾️ وبفضل الصعوبات المستمرة، غابت الذكريات السعيدة والانتماءات القوية التي كانت مترسخة في نفوس الناس. فقد فقدت العديد من الأجيال المعنى الحقيقي للإنسانية، والتي كانت متجسدة في التقاليد والممارسات الثقافية، مما أثر على الجميع سلباً. إن ضياع هذه الملامح قد جعل الكثير من الناس يشعرون بالعزلة، وأفقدهم القدرة على التفاعل بشكل إيجابي مع محيطهم.
🅾️ إن استعادة الهوية السودانية الأصيلة تتطلب جهداً جماعياً من جميع أفراد المجتمع، بتفعيل القيم الإنسانية التي طالما كان يتميز بها الشعب السوداني. ومن الضروري العمل على إحياء العلاقات الاجتماعية وتعزيز الروابط الأسرية، البدء من نقل التراث الثقافي إلى الأجيال الجديدة، وكيفية العيش سوياً في المحن والتحديات.
🅾️ تعكس أزمة الهوية الملامح الإنسانية التي فقدناها وسط زحام الحياة العصرية. وللخروج من هذا المأزق، يجب أن نستيقظ من سباتنا ونسترجع صورة هويتنا السودانية كما يجب أن تكون، لتظل ملامحنا مستدامة في الذاكرة والتاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى